يعد هرمون النمو واحدًا من أهم الهرمونات الحيوية التي تلعب دورًا مهمًا في نمو وتطوير الجسم؛ كونه يحفز نمو الأنسجة والخلايا في الجسم، بما في ذلك العظام والعضلات والأعضاء الداخلية، كما يعمل على تعزيز عملية الأيض، ويعزّز أيضًا من نمو الأطفال بشكل خاص، ويساعد في المحافظة على الأنسجة والأعضاء طوال العمر.
وتظهر أهمية هرمون النمو بشكل واضح خلال مرحلة النمو والتطور في الطفولة والمراهقة؛ حيث يساعد على بناء العظام والعضلات، وتطوير الجهاز العصبي والهيكلي، ومع ذلك فإن إفراز هذا الهرمون يتراجع بشكل تدريجي مع تقدم العمر؛ مما يمكن أن يؤدي إلى تدهور حالة الجسم، وزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض.
ولذلك، يبحث العلماء والأطباء عن طرق مختلفة لتحفيز إفراز هرمون النمو في الجسم، سواء لعلاج بعض الأمراض، أو لزيادة قدرات الجسم البدنية والعقلية.
وفي هذا المقال المقدم من موقع “Brine Herb” سنتحدث عن أهمية هرمون النمو وفوائده المتعددة لجسم الإنسان، مع ذكر كيفية تحفيز إفرازه في الجسم، بالإضافة إلى أسباب وأعراض نقص هذا الهرمون، وطرق العلاج، وأيضًا سنتعرف على طرق زيادة إفراز هذا الهرمون في الجسم.
ما هو هرمون النمو Growth hormone؟
يعد الـ Growth hormone هو الهرمون الببتيدي المسؤول عن النمو في جسم الإنسان، والذي يتم إفرازه من الغدة النخامية، حيث يتم بناءه في الغدة النخامية الأمامية تحديدًا، والتي تعرف بـ “Somatotroph”، وهي تفرز يوميًا ما يعادل 1 إلى 2 مغ يوميًا.
ويلعب هذا الهرمون دورًا حيويًا في نمو وتطوير الجسم خاصةً في مرحلة الطفولة، كما أنه يحافظ على سلامة نمو الأنسجة والأعضاء في جميع المراحل العمرية، ويساعد أيضًا على بناء وإعادة تجديد الخلايا في الجسم.
ويعرف هرمون النمو أيضًا بـ “سوماتوتروبين”، وترتفع مستويات إفرازه تدريجيًا خلال مرحلة الطفولة، وتصل ذروتها خلال طفرة النمو التي تحدث في سن البلوغ، وبعد ذلك يبدأ إفراز الهرمون بالتراجع تدريجيًا، وهذا قد يؤثر على النمو والصحة العامة للجسم.
ولذلك يبحث الأطباء عن طرق لتحفيز إفراز هذا الهرمون في الجسم، خاصةً في حالات النقص الهرموني التي تؤثر على النمو والصحة العامة؛ ولذلك يجب مراقبة هذا الهرمون الحيوي بعناية؛ إذ أن قلة إفرازه من الممكن أن تؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية، مثل تأخر النمو والنضج الجسدي والعقلي، وزيادة خطر الإصابة بالسمنة، وضعف العظام والعضلات.
أهمية هرمون النمو ووظائفه الأساسية
يعتبر هرمون النمو من الهرمونات الحيوية التي تؤثر على صحة الجسم وعملياته الحيوية، حيث يلعب دورًا مهمًا في النمو والتطور العضوي والعقلي للجسم، ويؤثر على وظائف العديد من الأعضاء والأنسجة، بما في ذلك العظام والعضلات والأعضاء الحيوية، مثل الكبد والكلى والقلب.
ويعمل هذا الهرمون على تحفيز نمو الأنسجة وتطويرها، وأيضًا تحفيز تجديد الخلايا، وبناء النسيج العضوي والعظمي، وتحفيز الأيض، وزيادة استهلاك الطاقة في الجسم؛ مما يساعد في تحسين الوظائف الحيوية والصحة العامة للجسم.
وتشمل وظائف هرمون النمو الأساسية ما يلي:
- تحفيز الكبد على إنتاج عامل نمو شبيه الأنسولين “IGF”، وهو هرمون يشبه الأنسولين في تركيبه الجزيئي، ولكن وظيفته الرئيسية هي محاكاة هرمون النمو في تحفيز نمو العظام والأنسجة والأعضاء في الجسم، وتحفيز تجديد الخلايا، وزيادة استهلاك الطاقة في الجسم، وتحسين الصحة العامة للجسم، ويتم إنتاجه في الكبد والأنسجة الأخرى في الجسم، ويتم تحفيز إنتاجه بواسطة هرمون النمو.
- زيادة الطول والنمو عند الأطفال والمراهقين، عن طريق تحفيز تجديد الخلايا وتكاثرها؛ مما يؤدي إلى تحسين وظائف العديد من الأنسجة والأعضاء في الجسم، وزيادة الحجم والكتلة العضلية والعظمية.
- تحفيز عملية التكاثر الخلوي وتحسين وظائف الجهاز الهضمي والعصبي والقلبي والعضلي، وبالتالي يساهم هذا الأمر في زيادة الطول والنمو العضوي والعقلي لدى الأطفال والمراهقين.
- توفير الطاقة الضرورية لبناء الأنسجة، وذلك من خلال عمله بطريقة مضادة لعمل الأنسولين.
- تحسين صحة الجلد والشعر والأظافر والأسنان والعيون.
- زيادة استهلاك الطاقة في الجسم وتحسين الأيض، وبالتالي تحسين القدرة على العمل والأداء البدني.
- زيادة الكتلة العضلية.
- نمو العظام والأنسجة والأعضاء في الجسم.
- تحفيز بناء البروتينات.
- تحفيز تكسير الدهون .
- تحفيز الجهاز المناعي.
متى يُفرز هرمون النمو؟
يُفرز هرمون النمو بشكل طبيعي من قِبل الغدة النخامية في الدماغ طوال فترة النمو والتطور لدى الإنسان، وتكون ذروة إفراز هذا الهرمون عادةً خلال المراحل العمرية الأولى، وخاصةً أثناء فترة الطفولة والمراهقة.
ويقوم الهرمون بالإفراز على دفعات متتالية كل 3 إلى 5 ساعات، وهناك هرمون آخر محفز لهرمون النمو، وهو المسئول عن إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية، وهو هرمون “GHRH” الذي يتم إفرازه من منطقة “تحت المهاد” في أعلى الدماغ.
وتكون ذروة إفراز الهرمون في فترة البلوغ والمراهقة، ويزداد مستوى إفرازه أثناء النوم، وعند انخفاض مستوى الجلوكوز في الدم، وعند ممارسة الرياضة والإجهاد، وعند ارتفاع إفراز الهرمون في الدم بشكل كبير يقوم هرمون “السوماتوستاتين” Somatostatin بتثبيط إفرازه، كما يقل مستوى إفراز الهرمون في فترة الحمل.
نقص هرمون النمو “Growth Factor Deficiency”
يعتبر نقص هرمون النمو حالة طبية، تتمثل في عدم إفراز كمية كافية من الهرمون في الجسم؛ مما يؤثر بشكل كبير على وظائف الأعضاء المختلفة، إلا نقص هرمون النمو لدى الأطفال يمكن أن يكون نتيجة لنمو طبيعي في الأشهر الأولى من العمر، ثم يبدأ النمو في التراجع بدءًا من سن سنتين إلى ثلاث سنوات.
ويمكن أن يتسبب نقص الهرمون في توقف النمو تمامًا أو تقليل معدلات النمو، ومع ذلك يجب التنبيه إلى أن قصر القامة أو بطء النمو لا يعني بالضرورة وجود نقص في هرمون النمو.
وللتحقق من وجود نقص، يتم مراقبة نمو الطفل من خلال مخططات النمو المعتمدة، ويقوم الأطباء بقياس طول ووزن الطفل بانتظام وتسجيلها على المخططات؛ للمقارنة مع معدلات النمو المعتادة للأعمار المختلفة، وإذا كان هناك اختلال كبير في معدلات النمو مقارنةً بالمتوسطات، فقد يتم إجراء اختبارات إضافية لتحديد مستويات هرمون النمو في الدم.
أعراض نقص هرمون النمو
يمكن أن يظهر نقص الهرمون بعدة أعراض وعلامات تشير إلى تأثيره على الجسم، ومن بين الأعراض الشائعة لنقص هرمون النمو:
- قصر القامة أو التقزم.
- بطء معدل النمو.
- ضعف العضلات، وانخفاض حاد في الكتلة العضلية.
- زيادة تراكم الدهون، وارتفاع كتلة الدهون بالجسم.
- تأخر في نمو العظام والأسنان.
- تأخر النضج الجنسي، وسن البلوغ.
- ضعف نمو الشعر.
- انخفاض النتاج القلبي.
- انخفاض كثافة العظم.
- الشعور بالشيخوخة المبكرة.
- الإعياء والتعب والإجهاد العام.
وقد تختلف شدة ونوعية الأعراض من شخص لآخر، وقد تظهر بشكل ملحوظ أو غير ملحوظ في بعض الأحيان، فإذا كان لديك شكوك حول نمو طفلك أو وجود أعراض تشير إلى نقص هرمون النمو، فمن المهم مراجعة الطبيب لتقييم الحالة، مع احتمال وجود أي اضطرابات هرمونية، وتحديد العلاج المناسب إن لزم الأمر.
أسباب وعوامل خطر نقص هرمون النمو
هناك عدة أسباب وعوامل خطر يمكن أن تتسبب في نقص هذا الهرمون، وتشمل ما يأتي:
- التأثيرات الوراثية والعوامل الجينية، وتشكل 10% من الحالات.
- نقص إفراز الهرمون المحفز لهرمون النمو.
- أورام الجهاز العصبي المركزي.
- الإصابات والجروح.
- جراحات سابقة أو التعرض لإصابات في الدماغ خاصة في منطقة “تحت المهاد”، أو في الغدة النخامية.
- التعرض للإشعاع، خاصة على الدماغ.
- أسباب مجهولة، في بعض الحالات لا يمكن تحديد سبب واضح لنقص هرمون النمو، وتُسمى هذه الحالة بـ “Idiopathic GH deficiency”، وهي تشكل جزءًا كبيرًا من الحالات.
ومن عوامل خطر نقص هرمون النمو ما يلي:
- التاريخ العائلي.
- التأخر النمائي.
- الأمراض المزمنة.
- قصور الغدة الدرقية.
علاج نقص هرمون النمو
يعتمد علاج نقص الهرمون عند الأطفال على حقن الأطفال بـ إبر “هرمون النمو الصناعي” لزيادة الطول، وتختلف استجابة الأطفال باختلاف مسبب النقص، ولا يوجد عادةً أي آثار جانبية لاستخدام حقن الهرمون الصناعي للأطفال، ولكن قد تحدث آثار جانبية نادرة في بعض الحالات.
ويمكن أيضًا علاج قصر القامة للأطفال “الغير ناتج عن نقص هرمون النمو” باستخدام الهرمون النمائي الصناعي، إذ أنه يُظهر فعالية جيدة في زيادة طول الجسم قبل اكتمال نمو العظام لديهم.
كما يمكن إزالة أورام الغدة النخامية جراحيًا، فهي تؤثر على إفراز الهرمون، وبعد ذلك يتم تعويض النقص باستخدام هرمونات بديلة.
هل يحتاج البالغون إلى علاج باستخدام هرمون النمو الصناعي؟
يمكن وصف هرمون النمو البشري الاصطناعي للأشخاص الذين يعانون من نقص في الهرمون، ويُمكن أن يكون النقص لدى البالغين نتيجة ورم حميد في الغدة النخامية، وهو يُعرف باسم “ورم الغدة النخامية”، أو قد يكون نتيجة للعلاج الجراحي، أو العلاج الإشعاعي لورم غُدّي.
ويمكن أن تتحقق بعض الفوائد من حقن هرمون النمو البشري الاصطناعي للبالغين، وتشمل هذه الفوائد على الآتي:
- زيادة حجم العضلات، وزيادة قدرتها الحركية.
- القدرة على ممارسة الرياضة والنشاط البدني بشكل أفضل.
- خفض مستوى الدهون في الجسم.
- زيادة كثافة العظام والكتلة العضلية.
هل يمكن تحفيز هرمون النمو بطرق طبيعية؟
نعم، يمكن تحفيز هرمون النمو بطرق طبيعية، ولكنها لن تكون بنفس فعالية وتأثير العلاجات الهرمونية الصناعية التي يصفها الأطباء.
وإليك بعض الطرق الطبيعية التي يمكن تجربتها لتحفيز الهرمون:
- النوم الجيد المنتظم لساعات كافية؛ حيث أن هرمون النمو يفرز بشكل رئيسي أثناء فترة النوم العميق؛ لذا يجب الحصول على فترة تتراوح ما بين 7 إلى 9 ساعات من النوم في الليل؛ ولذلك ينصح الأطباء بممارسة التمارين الرياضية أثناء النهار لتحسين القدرة على النوم الجيد ليلًا، وضمان زيادة مستوى هرمون النمو بشكل طبيعي.
- ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني الذي يحفز من إفراز الهرمون الطبيعي.
- اتباع نظام غذائي صحي، وتناول الأطعمة الغنية بالبروتينات، والكربوهيدرات الصحية، والدهون الصحية.
- عدم تناول الأكل قبل ساعة أو ساعتين من الذهاب للنوم.
- تجنب الإجهاد والضغوط النفسية، وممارسة التقنيات الاسترخائية.
- تجنب السمنة؛ إذ أن الوزن الزائد قد يؤثر على إفراز هرمون النمو بشكل سلبي.
- الحد من تناول السكر.
- اتباع الصيام المتقطع؛ فهو يعمل على تكسير الدهون المتراكمة في الجسم.
وعلى الرغم من أن الهرمون النمائي الصناعي يستخدم لمعالجة نقص هرمون النمو عند الأطفال، إلا أنه يمتلك شعبية كبيرة في الوسط الرياضي وخاصةً في كمال الأجسام، حيث يستخدمه الرياضيين ولاعبي كمال الأجسام كمكمل غذائي لزيادة الكتلة العضلية، وبالتالي تزداد كثافة العضلات للحصول على الضخامة.
وبالرغم من ذلك فإن هناك بعض الآثار الجانبية الوارد حدوثها كمضاعفات بعد حقن هرمون النمو الصناعي، ومنها: حدوث ألم في العظام والمفاصل، وارتفاع ضغط الدم، واحتباس السوائل، بالإضافة إلى احتمالية الإصابة بداء السكري.
وفي ختام مقالنا، يمكن القول أن هرمون النمو هو عامل أساسي في نمو وتطوير أجسادنا، ويؤثر على عدة عمليات حيوية، وقد يحدث نقص للهرمون نتيجة لعدة أسباب، بما في ذلك التأثيرات الجينية والأورام النخامية والجراحات والإصابات، ويمكن علاج نقص هرمون النمو بنجاح باستخدام هرمون النمو الاصطناعي، وهو علاج فعال وآمن للأطفال والبالغين.
بالإضافة إلى العلاجات الطبية، يمكن تحفيز هرمون النمو بطرق طبيعية مثل النوم الجيد، وممارسة التمارين الرياضية، واتباع نظام غذائي صحي، وهذه الخطوات قد تساهم في تحسين نمو الجسم والحفاظ على الصحة العامة بشكل جيد.
لذا، إذا كنت تشعر بأنك أو طفلك تعاني من قصر القامة، أو هناك أعراض تشير إلى نقص هرمون النمو، يُنصح بالتوجه إلى الطبيب المختص لتقييم الحالة وتحديد العلاج اللازم، إذ أن الاكتشاف المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساهمان في تحسين جودة الحياة وتحقيق نمو صحي وطبيعي للجسم.
المصدر: موقع الـ altibbi، وموقع مايو كلينك