لا يعد مرض السمنة مجرد مشكلة جمالية أو زيادة بسيطة في الوزن، ولا تقتصر آثاره على الشكل الخارجي أو الجمالي فحسب، بل هو عبارة عن مشكلة صحية خطيرة يترتب عليها آثارًا وخيمة تشمل العديد من الأمراض المزمنة، مثل “أمراض القلب، السكري، ارتفاع ضغط الدم، الأرق، والتهابات الكبد”، كما أنها تزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
وتعد السمنة حالة مرضية معقدة، يزداد فيها تراكم الدهون في الجسم بشكلٍ مفرط، كما أنها تعد أحد أكبر المشكلات الصحية العصرية التي تؤثر على صحة ملايين الأفراد حول العالم؛ لذا فإن الحد منها يعتبر أمرًا ضروريًا؛ من أجل الحفاظ على الصحة العامة، والوقاية من الأمراض المرتبطة بها.
وفي هذا المقال من موقع “Brine Herb” سوف نتناول دراسة متعمقة حول السمنة، ونسلط الضوء على خطورتها الصحية، والأسباب التي تؤدي إلى تطورها، بالإضافة إلى التركيز على أهمية التشخيص المبكر، وأساليب العلاج المتاحة.
ما هو مرض السمنة “Obesity”؟
السمنة هي حالة مرضية معقدة، يزداد فيها تراكم الدهون في الجسم بشكل مفرط، وتكون قيمة مؤشر كتلة الجسم فيها أعلى من 30، ومؤشر كتلة الجسم هذا هو عبارة عن مؤشر يعمل على قياس نسبة الدهون الموجودة في الجسم على أساس الوزن والطول.
ويمكن تصنيف السمنة إلى ثلاث درجات وفق قياس مؤشر كتلة الجسم، ففي السمنة من الدرجة الأولى يتراوح مؤشر كتلة الجسم ما بين 30 و35، في حين يتراوح في السمنة من الدرجة الثانية ما بين 35 و40، بينما يتجاوز مؤشر كتلة الجسم في الدرجة الثالثة الـ 40، وتُعرف هذه الحالة باسم السمنة المفرطة أو المرضية.
وتنتج السمنة عادةً من تداخل عوامل جينية وراثية وفسيولوجية وبيئية، كما يلعب النظام الغذائي والنشاط البدني دورًا كبيرًا في تطور السمنة؛ حيث يؤدي تناول الطعام الغني بالسعرات الحرارية والدهون والسكريات إلى زيادة تراكم الدهون في الجسم.
أسباب وعوامل خطر مرض السمنة
يرجع زيادة انتشار هذه المشكلة إلى عدة عوامل تشمل تغيرات نمط الحياة، والتغذية غير الصحية، وأيضًا الراحة المفرطة وقلة النشاط البدني، فضلًا عن العوامل الوراثية التي تلعب دورًا في استعداد بعض الأفراد للإصابة بها، إلا أنه يعد من أهم عوامل الإصابة بالسمنة هو زيادة استهلاك السعرات الحرارية بمعدل عالٍ؛ مما يؤدي إلى تراكمها على هيئة دهون.
ومن أهم العوامل المؤثرة على السمنة والتي تؤدي إلى حدوثها ما يلي:
- التغذية غير الصحية.
- الإفراط في تناول الطعام والسعرات الحرارية.
- العوامل النفسية والاكتئاب.
- الوراثة.
- عدم النوم بشكل جيد.
- العوامل البيئية.
- الاضطرابات الهرمونية.
- الخمول البدني.
- تناول الكحول، والتدخين.
- الحمل.
- الوصول لسن اليأس، والتقدم في العمر.
- الإصابة ببعض الأمراض، مثل “خمول الغدة الدرقية، متلازمة المبيض متعدد الكيسات، متلازمة كوشينغ، ومقاومة الأنسولين”.
- تناول بعض أنواع الأدوية، ومنها “مضادات الاكتئاب، مضادات الاختلاج، موانع الحمل الهرمونية، الكورتيزون، وبعض أدوية السكري”.
أعراض وعلامات مرض السمنة
مشكلة السمنة ليست مقتصرة على زيادة الوزن، بل هي حالة طبية تشمل العديد من الأعراض والتأثيرات على الصحة الجسدية والنفسية، ومن بين أعراض السمنة الشائعة:
- الدهون الزائدة في الجسم، وزيادة الوزن بشكل ملحوظ.
- وجود ضيق وصعوبة في التنفس، خاصةً عند القيام بأي نشاط بدني.
- ضعف اللياقة البدنية.
- التعرق الزائد.
- اضطرابات النوم، مثل “فقدان التنفس، الأرق، والشخير”.
- وجود آلام في المفاصل والعظام والظهر.
- الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي، مثل الإمساك.
- الاضطرابات النفسية، وقلة الثقة بالنفس، والتعرض للاكتئاب.
مضاعفات مرض السمنة
ترتبط السمنة بالعديد من المضاعفات الصحية التي يمكن أن تؤثر على أعضاء الجسم المختلفة، ومن بين هذه المضاعفات الشائعة ما يلي:
- زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين، مثل النوبات القلبية والجلطات الدماغية.
- ارتفاع ضغط الدم، وهو من أكثر المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة، وهو يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والكلى.
- وجود مشاكل في التنفس، وخاصةً ضيق وانقطاع التنفس أثناء النوم.
- مشاكل في المفاصل والعظام نتيجة للوزن الزائد؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل وارتداد العظام.
- مشكلات في الجهاز الهضمي، والإصابة بأمراض الكبد والمرارة.
- الإصابة ببعض أنواع السرطانات، مثل “سرطان الرحم والمبايض، سرطان الثدي، سرطان الكبد، سرطان البروستاتا، وسرطان الكلى”.
- الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
- الاكتئاب والاضطرابات النفسية.
طرق تشخيص مرض السمنة
يتضمن تشخيص السمنة عدة طرق مختلفة، من بينها الآتي:
1- معرفة التاريخ الصحي للمريض: إذ يمكن للطبيب الاطلاع على تاريخ وزنك ومحاولاتك السابقة لإنقاص الوزن، ومستوى النشاط البدني، وعادات التمارين، ونمط الأكل، ومستوى التحكم في الشهية، وأي حالات صحية سابقة.
كما يتعرف الطبيب أيضًا على الأدوية التي تتناولها، ومستويات التوتر، وغيرها من الأمور المتعلقة بصحتك، بالإضافة إلى الاطلاع على التاريخ العائلي لمعرفة العامل الوراثي، وما إذا كان الوالدين أو أحد الأقارب مصابًا بالسمنة.
2- الفحص الطبي العام للجسم: يشمل هذا الفحص قياس الطول، وفحص العلامات الحيوية، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة الحرارة، وفحص القلب والرئتين والبطن.
3- قياس محيط الخصر: قد تزيد الدهون المخزنة حول الخصر من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، وتزداد خطورة الإصابة بالأمراض عندما يتجاوز قياس محيط الخصر لدى النساء 89 سم، وعند الرجال 102 سم؛ لذلك يجب فحص محيط الخصر مرة واحدة على الأقل في السنة.
4- تحاليل الدم: تختلف الاختبارات التي يتم إجراؤها من خلال صحتك وعوامل الخطر والأعراض التي قد تشعر بها، وتشمل اختبارات الدم اختبار الكوليسترول، واختبارات وظائف الكبد، وتحليل السكري، واختبارات الغدة الدرقية وغيرها من التحاليل الأخرى التي يطلبها الطبيب.
كيف يمكن علاج مرض السمنة؟
يتضمن علاج مرض السمنة مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى خفض الوزن وتحسين الصحة العامة، وتشتمل أبرز طرق العلاج على الآتي:
1- زيادة النشاط البدني وممارسة الرياضة:
يعد ممارسة التمارين الرياضية من الأمور الضرورية للحفاظ على فقدان الوزن، وعلاج السمنة على المدى الطويل؛ حيث تساعد النشاطات الجسدية على زيادة استهلاك السعرات الحرارية في الجسم، وعلى الرغم من أن ممارسة الرياضة وحدها لا تؤدي إلى فقدان وزن كبير، إلا أن الميزة الرئيسية لممارسة التمارين الرياضية هي الحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل، كما يوصى بممارسة النشاط البدني المعتدل بمعدل 30 دقيقة يوميًا على الأقل.
2- العلاج الدوائي:
يجب أولًا معالجة المشكلات الصحية المسببة للسمنة، وفي بعض الحالات يمكن للأطباء وصف أدوية لعلاج السمنة ضمن برنامج علاجي شامل وليس كوسيلة أساسية، مثل مشروب إم آر تي كومبلكس، وتتنوع هذه الأدوية بين منع امتصاص الدهون وتقليل الشهية لتخفيف الوزن، ولكن يجب استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبيب مختص وفقًا للتقييم الطبي الدقيق.
3- العلاج الجراحي:
في حالات السمنة المفرطة التي يكون مؤشر كتلة الجسم بها أكثر من 40 يصبح هناك خطرًا على صحة الفرد؛ لذا قد يلجأ الأشخاص المصابون بالسمنة إلى إجراء عملية جراحية كخيار علاجي، وتشمل هذه الجراحات تكميم المعدة، وتحويل المسار البالون المعدي.
وتهدف جميع الجراحات إلى تقليل حجم المعدة والسيطرة على الوزن وتخفيفه، لكن الانخفاض في الوزن والذي يقدر بحوالي 50% من وزن المريض قد ترافقه آثارًا جانبية كمضاعفات للعملية الجراحية، مثل “عدوى الصفاق، حصوات القناة الصفراوية، ونقص المعادن والفيتامينات”.
طرق الوقاية من مرض السمنة
- تناول خمس وجبات صغيرة في اليوم، وتجنب الإفراط في تناول الطعام في الوجبات الرئيسية.
- تجنب تناول الأطعمة المصنعة والمعلبة، والتي تحتوي على الكثير من الملح والسكر والدهون المشبعة.
- تقليل استهلاك كل من “السكر، المشروبات الغازية، العصائر الصناعية، والمحليات الصناعية”.
- تجنب الدهون المشبعة التي توجد في اللحوم الحمراء، والأطعمة الدسمة، والوجبات السريعة.
- طهي الطعام في المنزل، وتجنب تناول الوجبات السريعة.
- محاولة تبني نظام غذائي نباتي، وتناول الخضار والفواكه، والحبوب الكاملة، والمكسرات والبذور والبقوليات.
ما هي الطرق الصحية والآمنة لفقدان الوزن؟
هناك عدة طرق صحية وآمنة لإنقاص الوزن، ومن أهمها:
1- الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن:
ينبغي تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية الأساسية والمغذيات، مثل الفواكه والخضروات والبروتينات الصحية، مع تجنب الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات والملح.
2- ممارسة التمارين الرياضية:
يُنصح بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ويمكن أن تشمل مجموعة متنوعة من التمارين، مثل “المشي السريع، ركوب الدراجة، السباحة، ورفع الأثقال”.
3- الحد من الأطعمة عالية السعرات:
يجب الحد من تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، والمشروبات الغازية، والعصائر الصناعية، والوجبات السريعة.
4- تناول الوجبات بشكل منتظم:
ينبغي تناول الوجبات الصغيرة بشكل منتظم طوال اليوم، وعدم تخطي الوجبات الرئيسية، مع التركيز على تناول الأطعمة الصحية والمفيدة.
5- أخذ قسط كافٍ من النوم:
يجب الحرص على النوم بشكل جيد ولفترة كافية، مع محاولة التخلص من الإجهاد والتوتر والقلق.
6- الحصول على الدعم اللازم:
ينبغي الحصول على الدعم اللازم من الأصدقاء والعائلة والمجتمع، والتحدث مع الطبيب أو المتخصص في تغذية الجسم عند الحاجة لتجنب السمنة.
وفي ختام هذا المقال، يمكن القول أن مرض السمنة يمثل تحديًا صحيًا خطيرًا يتطلب منا اهتمامًا جادًا؛ إذ إن زيادة الوزن وتراكم الدهون في الجسم ليس مجرد مشكلة جمالية، بل هي حالة طبية ترتبط بمضاعفات صحية خطيرة تؤثر على جودة الحياة، وتزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة.
لذا يجب علينا اتباع أساليب الوقاية، وتقليل السعرات الحرارية للحد المطلوب للجسم فقط، وتقليل تناول الطعام الغني بالدهون، وممارسة الرياضة، واتباع نمط حياة صحي ومتوازن بشكل عام، وهو الأمر الذي سيكون له أثر بليغ في الحفاظ على وزن مثالي والتقليل من خطر الإصابة بمرض السمنة.
المصدر: مايو كلينك، وموقع ويب طب