يعاني العديد من الأشخاص من مشكلات في الذاكرة، سواء كان ذلك بسبب العمر، أو الإجهاد، أو بسبب حالات صحية معينة؛ وهو ما يسبب الإحراج والضغط النفسي للبعض، كما لم يعد ضعف الذاكرة مقتصرًا على كبار السن فقط، بل أصبح يعاني منه العديد من الشباب، بجانب نسيان الكثير من التفاصيل الهامة.
وتعتبر الذاكرة واحدة من أهم القدرات العقلية ووظائف المخ التي يمتلكها الإنسان؛ فهي تساعدنا على تخزين واسترجاع المعلومات، وكذلك الأحداث التي نمر بها في حياتنا اليومية، كما أنها تساعدنا على التعلم والتحدث واتخاذ القرارات.
لذلك في حالة الإصابة بضعف في الذاكرة؛ فإن هذا الأمر يؤثر على جودة الحياة بشكل كبير، كما يؤثر أيضًا على الأداء اليومي في العمل أو في الدراسة.
ويكمن حل هذه المشكلة في فهم أسباب ضعف الذاكرة، والتعرف على كيفية تحسينها، وعلى الرغم من أن بعض الأسباب لا يمكن تجنبها، إلا أن هناك العديد من الأساليب التي يمكن استخدامها لتحسين الذاكرة، مثل الأنشطة الرياضية، والغذاء الصحي، وتمارين الذاكرة المختلفة.
وفي هذا المقال المقدم من موقع “Brine Herb” سوف نتحدث بشكل مفصل عن ضعف الذاكرة، والأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى حدوثه، والعلاجات المحتملة، مع ذكر نصائح لتحسين الذاكرة، والعديد من المعلومات الأخرى الهامة.
ما هو ضعف الذاكرة “Hypomnesia”؟
يعد ضعف الذاكرة شكل من أشكال فقدان الذاكرة “Amnesia”، وهو يحدث للأشخاص نتيجة عوامل مختلفة، من بينها الأضرار التي تلحق بأجزاء مختلفة من الدماغ، وخاصةً عند كبار السن، لكنهم في هذه الحالة لا يفقدون الذاكرة بشكلٍ كامل، بل يكون لديهم صعوبة في تذكر بعض الأشياء، أو المعلومات والحقائق من الماضي.
وعادةً ما يحدث هذا الأمر على فترات متقطعة، كما أن ضعف الذاكرة يؤثر على معظم الأشخاص بطريقةٍ أو بأخرى، وهو أمر طبيعي يحدث للكثيرين، لكن يجب استشارة الطبيب عندما يتكرر بشكل منتظم.
وتتجلى أعراض ضعف الذاكرة بوضوح عندما يقل إمداد الدماغ بالأكسجين، حيث يجد المريض صعوبة في تذكر الأسماء والكلمات، إلا إذا ساعده شخص آخر من خلال تلميح أو ذكرى معينة، كما يرتبط ضعف الذاكرة بشكل رئيسي بأمراض عضوية متعلقة بالدماغ، وعلى وجه الخصوص الأوعية الدموية، وقد يظهر في بعض الأحيان في الاضطرابات الوظيفية لعلم النفس، خاصةًعندما يتعلق الأمر بالإرهاق والإجهاد.
أسباب ضعف الذاكرة
تتعدد الأسباب التي تؤثر على صحة الذاكرة، منها أسباب صحية وأخرى عاطفية تؤدي إلى ضعف في الذاكرة، ومنها ما يلي:
1- التقدم في العمر: يؤثر بشكل مباشر على مساحة تخزين الذاكرة قصيرة المدى، وهي المسؤولة عن المهام اليومية.
2- قلة النوم أو التوتر والقلق: من الأمور التي تؤثر على الذاكرة، وأيضًا الأمراض النفسية خاصةً الاكتئاب، والضغط العصبي والإجهاد المفرط، كما أن زيادة الضغط النفسي اليومي الذي يتعرض له الكثيرون يؤثر على قدرة الذاكرة القريبة التي يُخزن فيها تفاصيل حياتهم وعملهم وروتينهم اليومي؛ مما يصعّب عملية استرجاع المعلومات والتفاصيل المخزنة في الذاكرة.
كما تؤثر العديد من الأسباب الصحية في ضعف الذاكرة، مثل:
- الإصابة بالخرف “Dementia”: يعد الخرف أحد أعراض ضعف الذاكرة، ويصاحبه عدة أعراض أخرى، مثل تكرار السؤال أكثر من مرة، ونسيان الكلمات الشائعة، وتغير المزاج بشكل مفاجئ.
- حدوث قصور في الغدة الدرقية، والتي تؤدي بشكل مباشر إلى حدوث ضعف في الذاكرة.
- نقص فيتامين ب 12: يمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الذاكرة لدى البالغين، حيث يلعب هذا الفيتامين دورًا هامًا في وظائف خلايا الدم الحمراء والأعصاب، والتي تعتمد عليها الذاكرة بشكل كبير.
- الإصابة بضعف الإدراك الخفيف “Mild cognitive impairment”.
- الإصابة بالحمى الشديدة.
- نوبات الصرع الشديدة.
- الإفراط في تناول الكحوليات.
- إجراء عمليات جراحية في أماكن شديدة الحساسية، أو عمليات خطيرة بالمخ.
- التعرض إلى سكتة دماغية مصحوبة بأعراض عصبية أخرى مثل الدوخة أو تعسر الكلام.
- نقص الأكسجين في الدماغ.
- الصداع المزمن.
- وجود إصابات في الدماغ إثر سقوط أو حادث.
أسباب ضعف الذاكرة عند الشباب
بالإضافة إلى الأسباب التي تم ذكرها، هناك أسباب أخرى تتسبب في ضعف الذاكرة، كما أن هذه الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى قلة التركيز خاصةً عند الشباب، كما أن روتين الحياة غير الصحي يؤثر تأثيرًا مباشرًا على الذاكرة والتركيز.
ويعد من أهم أسباب ضعف الذاكرة عند الشباب ما يأتي:
- عدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- الإجهاد المفرط في العمل.
- الحالة النفسية والعاطفية.
- سوء التغذية وعدم تناول الأكل الصحي الغني بالفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها الدماغ.
- التغيرات الهرمونية للجسم، مثل انقطاع الطمث، وفترة الحمل لدى الإناث.
- قلة النوم والأرق، والتغيرات المزاجية.
- إدمان الكحوليات، وتناول أدوية الاكتئاب بدون استشارة طبيب، وبعض الأدوية التي تؤدي إلى حدوث ضعف في الذاكرة.
العلاقة بين ضعف الذاكرة وقلة التركيز
ترتبط قوة الذاكرة بشكل كبير بالقدرة على التركيز، فعندما يكون الانتباه والتركيز ضعيفين، يكون من الصعب استيعاب وتذكر المعلومات بشكل جيد، وعلى الجانب الآخر، عندما يكون الانتباه والتركيز جيدين، فإن المعلومات يتم استيعابها بشكل أفضل وتخزينها في الذاكرة بشكل أكثر فعالية.
ومن المعروف أن قلة التركيز يمكن أن تكون نتيجة لعدة عوامل، مثل الإجهاد والتعب وعدم النوم الكافي، وهذه العوامل يمكن أن تؤثر على قوة الذاكرة والقدرة على استرجاع المعلومات، لذلك يجب تحسين التركيز والانتباه من خلال ممارسة التمارين العقلية والبدنية، وتحسين النوم، وتقليل مصادر الإجهاد والتعب، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تحسين قوة الذاكرة، والقدرة على استرجاع المعلومات.
أعراض ضعف الذاكرة
على الرغم من أن النسيان أو ضعف الذاكرة ليس مشكلة خطيرة، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى صعوبات متكررة في التركيز والتذكر، مما يسبب الارتباك والتوهان للشخص.
كما يمكن أن يتطور الأمر عند بعض الأشخاص ويؤثر على أدائهم اليومي، سواء أثناء الدراسة، أو في العمل، أو عند التعامل مع الآخرين، كما يصاحب ضعف الذاكرة أعراضًا أخرى مثل الارتباك أو التغيرات السلوكية، وقد يشير هذا الأمر إلى عدم الاستقرار العقلي، وفي هذه الحالة يكون المصاب بحاجة إلى استشارة الطبيب وأخذ العلاج المناسب.
ومن أبرز أعراض ضعف الذاكرة ما يلي:
- صعوبة تذكر المواقف الحديثة أو التفاصيل اليومية.
- تكرار الأسئلة التي تم الإجابة عليها من قبل.
- صعوبة تذكر الأسماء والوجوه والمواقع.
- فقدان القدرة على تذكر الخطط والمواعيد والمهام.
- صعوبة تذكر المصطلحات والمفاهيم الأكاديمية والمهنية.
- النسيان المستمر للأشياء المهمة.
- صعوبة استرجاع المعلومات.
- الشعور بالارتباك والتشويش الذهني.
- تكرار الأخطاء التي تم القيام بها من قبل.
كيف يمكن علاج ضعف الذاكرة؟
يعتمد العلاج على السبب الرئيسي لضعف الذاكرة، وفي العديد من الحالات يتضمن العلاج تحسين أسلوب الحياة، وتغييرات في العادات الغذائية، والنشاط البدني والعقلي، مع تناول المكملات الغذائية؛ لذا فإن تحديد المُسببات والعوامل التي أدت إلى ضعف الذاكرة، واختيار العلاج المناسب يؤدي إلى تقوية الذاكرة.
كما يتأثر علاج ضعف الذاكرة بالعوامل المرتبطة بفقدان الذاكرة، فمثلًا أدوية الاكتئاب يمكن أن تساعد في الحالات التي يكون الاكتئاب فيها بسبب الضعف في الذاكرة أو القلق المستمر، كما يمكن لأدوية خفض ضغط الدم أن تقلل من خطر تلف الدماغ في حالات الخرف الذي يسبب أيضًا ضعف في الذاكرة.
ولكن يبقى العامل الأساسي في علاج ضعف الذاكرة هو الاهتمام بالصحة العامة، والعلاج بالأعشاب وتناول الخضروات والفواكه الغنية بالمعادن والفيتامينات التي تقوي الذاكرة.
نصائح هامة لتقوية الذاكرة والتغلب على ضعفها وقلة التركيز
هناك بعض النصائح التي يساعد الالتزام بها على تحسين الذاكرة والحد من ضعفها، مع العمل على علاج قلة التركيز، ومن أهم هذه النصائح ما يأتي:
- ممارسة الرياضة بانتظام؛ لأنها تحسن من تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ.
- تحسين نوعية النوم، والحصول على الكمية الكافية من النوم بشكل يومي.
- تناول كميات كبيرة من السوائل يوميًا؛ لضمان تجديد خلايا المخ، مع الحرص على تناول كميات كبيرة من الماء بما لا يقل عن لترين يوميًا.
- تناول نظام غذائي صحي ومتوازن، يشمل الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الدماغ.
- تجنب التدخين للمحافظة على صحة القلب والأوعية الدموية، والحفاظ على ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الطبيعية.
- تقليل التوتر والإجهاد، وذلك من خلال ممارسة اليوغا أو الاسترخاء والتأمل، وتنظيم العمل.
- تحسين التركيز والانتباه، من خلال تدريب العقل على ممارسة التركيز وحل الألغاز والألعاب العقلية، وكتابة المهام اليومية اللازمة.
- استشارة الطبيب في حالات نقص الفيتامينات، أو الاضطرابات النفسية، أو أي حالة صحية أخرى تؤثر على الذاكرة.
أهم الطرق الطبيعية والوصفات المنزلية لتقوية الذاكرة
يمكن الوقاية من ضعف الذاكرة باتباع نمط حياة صحي ومتوازن، وعدم تناول المخدرات أو المواد الكحولية، مع تناول الفيتامينات والأطعمة الغنية بالمواد التي تساعد على تقوية الذاكرة، وأيضًا معالجة أي مرض متعلق بالدماغ بشكل سريع حتى لا يؤثر على الذاكرة، والاهتمام بصحة الجسم بشكل عام.
ومن أهم الطرق الطبيعية ما يأتي:
- تناول الأسماك مرتين أسبوعيًا، مثل سمك التونة والسالمون؛ وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من أحماض الأوميجا 3، والتي تساعد على تعزيز وظائف المخ.
- تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة؛ لأنها تحمي كبار السن من الإصابة بمرض الزهايمر؛ وذلك بفضل قدرتها على مقاومة الشوارد الحرة، التي تهدد خلايا المخ بالالتهاب والضمور، وتتواجد مضادات الأكسدة في العديد من الأطعمة، مثل الخضراوات الورقية والفواكه والمكسرات والبقوليات، وفي بعض المشروبات مثل الشاي الأخضر الذي يحسن الوظائف الإدراكية، وينشط الذاكرة، ويعزز مهارات التعلم.
- كما أثبتت بعض الدراسات أن شرب القليل من زيت جوز الهند مفيدًا لتقوية الذاكرة، ويحمي الشخص من مرض الزهايمر؛ بسبب ما يحتويه من الدهون التي يحتاجها الجسم لإنتاج الطاقة.
- تناول فاكهة الكلمنتينا، وهي واحدة من أنواع الحمضيات، والتي تحتوي على العديد من المواد الغذائية التي تُحسّن الذاكرة، مثل “حمض الفوليك، الكالسيوم، البوتاسيوم، الفسفور، المغنيسيوم، وفيتامين سي”.
- يُعتبر تناول البيض أيضًا من احتياجات الإنسان الضرورية التي تؤثر في زيادة نسبة الذكاء، وتقلل من احتمالية الإصابة بمرض النسيان؛ لاحتوائه على مادة الكولين.
- ولا يزال الأثر الفعلي للمكملات الغذائية والأعشاب ونمط الحياة الصحي هو العامل الأهم في تعزيز نمو التفكير، وقوة التركيز، وتقوية الذاكرة.
وفي نهاية مقالنا، يمكننا القول أن ضعف الذاكرة مشكلة شائعة تواجه الكثيرين في حياتهم اليومية، وقد تكون لأسباب عديدة، منها العمر أو التغيرات الجسدية والنفسية، والعادات الغذائية ونمط الحياة.
ومن أجل الحفاظ على صحة الذاكرة وتحسينها، يوصى باتباع بعض النصائح والإجراءات الوقائية التي ذكرناها، مثل ممارسة التمارين الرياضية، وتحسين نمط النوم، وتناول الأطعمة الصحية والغنية بالفيتامينات والمعادن المهمة للدماغ، بالإضافة إلى ممارسة التدريب الذهني، وتنمية الهوايات المفيدة.
ومن المهم أن نفهم أن الوقاية من ضعف الذاكرة هي الأفضل؛ ولذلك يجب علينا تغيير بعض العادات الخاطئة، وتطبيق الممارسات الصحية، وتطوير مهاراتنا الذهنية والمعرفية، كما يجب علينا أن نتذكر أن الذاكرة هي عضو حيوي في أجسادنا، وتحتاج إلى الرعاية والاهتمام كأي عضو آخر.
المصدر: موقع altibbi، وموقع mayoclinic